في ظل التصعيد العسكري الإسرائيلي المتواصل على مدينة غزة، الذي حول الأحياء السكنية إلى ركام وتسبب في أزمة إنسانية غير مسبوقة، تتجه أنظار العالم نحو اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي شهد هذا الأسبوع تحولات سياسية مهمة في مواقف عدة دول غربية تجاه القضية الفلسطينية.
أعلنت أستراليا، إلى جانب كندا والمملكة المتحدة، اعترافها الرسمي بدولة فلسطين، في خطوة تُعد جزءًا من موجة دولية متزايدة تسعى لإنقاذ حل الدولتين ووضع حد للجمود السياسي القائم. وقد أكد رئيس الوزراء الأسترالي، أنتوني ألبانيزي، في نيويورك أن قرار بلاده يأتي ضمن سياسة خارجية تعكس مكانة أستراليا الدولية وشراكاتها الاستراتيجية، معبراً عن الدور الإيجابي الذي تلعبه بلاده على الصعيدين الإقليمي والدولي.
رغم ذلك، قوبل هذا التحرك الدبلوماسي بانتقادات شديدة من الولايات المتحدة، حيث أرسل 25 عضوًا جمهوريًا في الكونغرس رسالة تحذيرية إلى أستراليا ودول أخرى، ملوحين باتخاذ "إجراءات عقابية" بزعم أن الاعتراف بدولة فلسطين قد يقوي حماس ويهدد أمن إسرائيل، ويقضي على فرص السلام عبر التفاوض.
في هذا المناخ المتوتر، تحدثت القائمة بالأعمال في البعثة الفلسطينية في كانبرا، السيدة نورا، حول أهمية الاعتراف الأسترالي من وجهة نظر فلسطين، مشددة على أن القرار يمثل خطوة متسقة مع القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، ويعكس حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وقالت:
هذا القرار يشكّل خطوة منسجمة مع القانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية، والرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية، التي تُجمع جميعها على حق الشعب الفلسطيني غير القابل للتصرف في تقرير مصيره. ونأمل بصدق أن يُستتبع هذا الاعتراف بخطوات عملية وفعلية لتعزيز بناء الدولة الفلسطينية.
كما نفت السيدة نورا تأثير الرسالة الأمريكية على القرار الأسترالي، مؤكدة أن وزارة الخارجية في أستراليا أعلنت أن الاعتراف نهائي وغير قابل للتراجع، وأن أستراليا انضمت إلى تحالف دولي يسعى لتسوية سلمية وشاملة للقضية الفلسطينية، وأضافت:
لا أعتقد أبداً أن رسالة الكونغرس الأمريكي لأستراليا حول إجراءات عقابية بخصوص الاعتراف بدولة فلسطين سيكون لها تأثير، فقد أعلنت وزارة الخارجية الأسترالية أن هذا الاعتراف نهائي وغير قابل للتراجع، وأن أستراليا انضمت إلى تحالف دولي من أجل تسوية سلمية للقضية الفلسطينية ودعم حل الدولتين.
وعن التواصل مع السلطات الأسترالية، أكدت القائمة بالأعمال أن البعثة الفلسطينية تواصلت بشكل منتظم مع وزارة الخارجية الأسترالية، معربة عن أملها في رفع مكانة البعثة الفلسطينية إلى سفارة رسمية، ورفع العلم الفلسطيني إلى جانب أعلام الدول الأخرى في العاصمة كانبرا، في خطوة تعكس تعميق العلاقات الثنائية.
وفيما يتعلق بالخطوات القادمة، قالت السيدة نورا إن هذه الاعترافات تشكل رسائل قوية لإسرائيل بضرورة التوقف عن الاحتلال وبدء مسار جدي نحو حل الدولتين، مشددة على أن الاعترافات ليست مجرد رمزية، بل لها أثر عملي ودبلوماسي ملموس، يشمل تنفيذ خطط بناء الدولة ورفع مكانة فلسطين دبلوماسيًا.
أما عن احتمالات التراجع في حال تغير الحكومة الأسترالية، فأوضحت أن الاعتراف يرتكز على التزامات دولية وقانونية لا يمكن التراجع عنها بسهولة، وأن هناك حاجة لحوار جاد مع المعارضة الأسترالية لتغيير موقفها ودعم حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.
تأتي هذه الخطوة الأسترالية ضمن تحولات إقليمية وعالمية تعيد رسم ملامح الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، في وقت تتزايد فيه الدعوات الدولية لإنهاء معاناة الفلسطينيين وإحلال السلام في المنطقة.
هل أعجبكم المقال؟ استمعوا لبرنامج "Good Morning Australia" من الاثنين إلى الجمعة من الساعة السادسة إلى التاسعة صباحا بتوقيت الساحل الشرقي لأستراليا عبر الراديو الرقمي وتطبيق SBS Audio المتاح مجاناً على أبل و أندرويد وعلى SBS On Demand.