يُخصص يوم 31 أغسطس/آب من كل عام في أستراليا لإلقاء الضوء على الفجوة بين الأجور بين الرجال والنساء في القوة العاملة. وتظهر الإحصاءات هذا العام مرة أخرى ان هذه الفجوة لا زالت كبيرة.
بحسب تقرير مركز الإحصاء الأسترالي للعام المالي 2020-2021، فأن الفجوة في الأجور بين الذكور والاناث وصلت إلى 14.2٪ كمعدل عام.
وبحسب المحلل الاقتصادي عبدالله عبدالله فأن هذا يعني أن "على النساء أن يعملن 61 يوما إضافيا في السنة ليحصلن على نفس أجور الرجال".
وتكلف الحكومة الفدرالية وكالة المساواة بين الجنسين في مكان العمل Workplace Gender Equality Agency، وهي خاضعة لقانون المساواة بين الجنسين في مكان العمل لعام 2012، بتعزيز وتحسين المساواة بين الجنسين في أماكن العمل الأسترالية.
وتعمل الوكالة مع الشركات الكبرى في أستراليا كجهاز تنظيمي وتعليمي. ويشمل نطاق عملهم الحصول من الشركات التي توظف أكثر من 100 شخصا، بموجب قانون المساواة بين الجنسين في مكان العمل، التقدم بتقرير سنوي بين شهر أبريل/نيسان وأغسطس/آب.
وتقدم الوكالة للشركات المشورة والأدوات العملية والتعليمية لمساعدتهم على تقليل التمييز بين الجنسين، من جميع النواحي وليس فقط الأجور.
يُخصص يوم 31 أغسطس/آب من كل عام في أستراليا لإلقاء الضوء على الفجوة بين الأجور بين الرجال والنساء في القوة العاملة. Source: pixabay/089photoshootings
الفجوة في الأجور
الفجوة في الأجور بين الجنسين تقيس الفرق بين متوسط دخل المرأة والرجل في القوى العاملة. وهي مقياس دولي لوضع المرأة في الاقتصاد مقارنة بالرجل.
وتظهر فجوة الأجور بين الجنسين نتيجة العوامل الاجتماعية والاقتصادية التي تتضافر للحد من قدرة المرأة على كسب الأجر الإضافي مدى حياتها.
ويتجاوز سد فجوة الأجور بين الجنسين مجرد ضمان المساواة في الأجر Equal Pay، أي الموضوع المالي فقط بحسب عبد الله. إذ يتطلب الأمر تغييرات عديدة لإزالة الحواجز أمام المشاركة الكاملة والمتساوية للمرأة في القوى العاملة.
ويقول عبدالله: "يجب ان نفرق بين الفجوة في الأجور gender pay gap والمساواة في الأجورEqual Pay".
"المساواة في الأجور يضمنها القانون، أي شخصين يتقاضيان أجر مختلف عن عمل واحد يعتبر أمرا غير قانونيا".
المساواة في الأجور
المساواة في الأجر تكون عندما يتقاضى الرجال والنساء أجرا متساويا عن العمل الواحد أو ذي القيمة المماثلة.
وبحسب عبدالله، وصلت الفجوة في الأجور في أستراليا إلى 14٪. ولكن تدرس الوكالة أيضا الفجوات في قطاعات معينة أو حتى في شركات معينة حيث لا تعطى المرأة الفرصة لتحصل على وظائف أو ترقيات أو غيرها من الحوافز.
تستعرض حلقة اليوم من بودكاست لنحكِ عن المال أسباب تباين الأجور بين الذكور والاناث في أستراليا. وتقدم جولة على آخر المبادرات الحكومية والخاصة لسد فجوة الأجور بين Source: Unsplash/Leon
عوامل تساهم في إتساع الفجوة في الأجور
- الميل في أستراليا إلى نسب مهن وصناعات مختلفة إلى الرجال والنساء. وبحسب عبدالله، تقدم المهن التي تعمل بها أغلبية نسائية أجور أقل من المهن أو القطاعات التي يهيمن عليها الذكور.
"وهذا يعكس القيمة الاجتماعية والمالية المنخفضة الممنوحة للوظائف النسائية التقليدية".
وعلى سبيل المثال: تجتذب مهن مثل الرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية أجورا أقل من المهن في صناعة البناء.
وتقدم الصناعات التي يعمل بها الذكور أيضا مستويات أعلى بكثير من المدفوعات الإضافية، مثل المكافآت، والعمولات وغيرها.
"بالإضافة للعديد من العوائق الأخرى التي تواجه المرأة للعمل في هذه الصناعات".
- التمييز، الذي يحدث أحيانا بإعطاء أفضلية التوظيف أو الترقية للرجال.
"ونرى هذا في وظائف الإدارات العامة، فمثلا في عام 2020 تم تعيين امرأة واحدة فقط من بين 9 رجال في مراكز رؤساء تنفيذيين/ات".
- عدم وجود سياسات مرنة ومراعية للأسرة تسمح للمرأة والرجل بالموازنة بين مسؤوليات الرعاية وساعات العمل.
تقضي النساء في أستراليا 64.4٪ من متوسط وقت العمل الأسبوعي في أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر مقارنة بـ 36.1٪ للرجال.
أي مقابل كل ساعة يلتزم فيها الرجال بالرعاية والأعمال المنزلية غير مدفوعة الأجر في أستراليا، تلتزم المرأة الأسترالية بساعة واحدة و48 دقيقة.
ويعتبر عمل الرعاية غير المدفوع الأجر عائق أمام الوصول إلى المساواة بين الجنسين في القوى العاملة مدفوعة الأجر.
ويقول عبدالله: "هذا الموضوع يتطلب إعطاء مرونة للنساء والرجال بالعمل. عندها يمكن توزيع المهام المنزلية بين الطرفين وتعزيز فرص النساء للتوازن بين متطلبات العمل والمنزل وبالتالي المساعدة في سد هذه الفجوة".
وفي غياب هذا التوازن، تلجأ الكثير من النساء للعمل بدوام جزئي مما يؤثر على فرصهن بالتطور الوظيفي والحصول على الترقيات. وبالتالي، تقل فرصهن في الحصول على رواتب أعلى، وهذا أيضا يساهم باتساع الفجوة.
بحسب تقرير مركز الإحصاء الأسترالي للعام المالي 2020-2021، فأن الفجوة في الأجور بين الذكور والاناث وصلت إلى 14.2٪ كمعدل عام. Source: Unsplash/Brian Wangenheim
ويقول عبدالله أن هذا له تأثير على الرواتب وأيضا على الصندوق التقاعدي (السوبر). كما أن العديد من النساء تواجهن صعوبات كبيرة بالعودة لسوق العمل بعد الانقطاع عنه لفترات طويلة.
"الحل لهذا الموضوع يبدأ بإعطاء مرونة للرجال والنساء، للعمل من المنزل مثلا، وهذا الامر من إيجابيات أزمة كورونا التي أثبتت للعديد من مدراء الاعمال أن الإنتاجية غير مرتبطة بالضرورة بدوام عمل معين".
"وهكذا يستطيع النساء والرجال الموازنة بين العمل المنزلي الغير مدفوع الاجر ووظيفتهم الرسمية".
وبحسب عبدالله، يبدو وأن العديد من الشركات مهتمة بسد هذه الفجوة الآن، لأن في ذلك منفعة تعود على الشركات في مجالات عدة أبرزها:
- ثبات الموظفين في الشركة مما يساهم بزيادة الكفاءة العملية.
- رفع معنويات النساء في العمل وزيادة الإنتاجية.
- الامتثال للبعد الأخلاقي.
ويقول عبدالله أن مسؤولية سد الفجوة هي مسؤولية مشتركة.
"من واجب الرجال إن كانوا في مواقع القيادة السياسية او إدارات الشركات، الترويج والمساهمة في فهم وقبول قضايا المساواة بين الجنسين في مكان العمل".
"يجب أن يكون هناك تعاون بين عدة أطراف مثل أرباب العمل والجمعيات التجارية والصناعية والمهنية والأكاديميين والباحثين وشبكات تكافؤ الفرص والمجموعات النسائية للوصول الى الهدف المنشود بالمساواة وتكافؤ الفرص بين الجنسين".
جميع المعلومات الواردة في هذه الحلقة هي على سبيل المعلومات العامة فقط وليست نصيحة خاصة.
