منذ إعلان منظمة التحرير الفلسطينية قيام الدولة الفلسطينية عام 1988، اعترفت غالبية دول الجنوب العالمي بها، حتى بلغ عدد الدول المعترفة رسمياً نحو 150 من أصل 193 عضواً في الأمم المتحدة. غير أن الاعتراف القادم من قوى غربية كبرى يحمل وزناً مضاعفاً، لما يمثله من تغيير في موازين السياسة الدولية.
الموقف الإسرائيلي: رفض قاطع
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عبّر عن رفضه الصريح، واعتبر الاعتراف "مكافأة للإرهاب"، مؤكداً أن "لا دولة فلسطينية ستقوم غرب نهر الأردن". بالنسبة لتل أبيب، فإن موجة الاعترافات الغربية لا تعدو كونها تهديداً لمساعيها في تكريس واقع الاحتلال والاستيطان.
الموقف الفلسطيني الرسمي: أفق سياسي جديد
على الضفة الأخرى، رحّب المندوب الفلسطيني لدى الأمم المتحدة رياض منصور بالخطوة، مؤكداً أنها قد تفتح أفقاً سياسياً حقيقياً نحو حل الدولتين، مع التحذير من أي محاولات لتهجير الفلسطينيين من أرضهم. منصور شدد على أن الاعتراف الدولي يجب أن يقترن بوقف الإبادة الجماعية، وصون حياة الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء.
الفلسطينيون في أستراليا: بين الأمل والمطالبة بالخطوات العملية
يحظى الموقف الأسترالي بأهمية خاصة لدى الجالية الفلسطينية هناك، إذ قلب حزب العمال الحاكم سياسات سابقة تبنّاها حزب الأحرار، مثل الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وقطع العلاقات مع السلطة الفلسطينية. الأكاديمي الفلسطيني خالد غنّام رأى أن الاعتراف لا يكفي وحده، بل يجب أن يترافق مع دعم عملي لبناء مؤسسات فلسطينية قوية، ومشاريع تنموية في مجالات الزراعة والصحة والإدارة، تعيد لفلسطين القدرة على النهوض.

الباحث الفلسطيني الأسترالي خالد غنام Source: Supplied / supplied: خالد غنام
شهادة من غزة عبر أستراليا
شامخ بدرة الأكاديمي والمحلل السياسي الفلسطيني الأسترالي من أصول غزّية، اعتبر أن الاعتراف "خطوة هامة، وإن جاءت متأخرة"، ورأى فيها تصحيحاً لظلم يراه تاريخياً حرم الفلسطينيين من حقهم في الدولة منذ أكثر من مئة عام. وأكد بدرة أن على أستراليا أن تفي بالتزاماتها الدولية، خاصة اتفاقية منع الإبادة الجماعية الموقعة عام 1948، عبر اتخاذ إجراءات ملموسة لوقف الجرائم الإسرائيلية، وفرض عقوبات على تل أبيب، خصوصاً في المجال العسكري.

شامخ بدرة
المستقبل بين الضغط الدولي والإصلاح الداخلي
بين الرفض الإسرائيلي والترحيب الفلسطيني، يبقى مستقبل الدولة الفلسطينية مرهوناً بقدرة المجتمع الدولي على مواصلة الضغط، وبقدرة الفلسطينيين أنفسهم على إعادة بناء مؤسساتهم وصياغة عقد سياسي جديد قائم على الدستور، سيادة القانون، وتداول السلطة.
فالحلم الفلسطيني بدولة مستقلة ذات سيادة وعاصمتها القدس، لا يزال معلقاً بين واقع الاحتلال وأمل الاعتراف الدولي. لكن المؤكد أن موجة الاعترافات الأخيرة أضافت زخماً غير مسبوق للقضية، وأعادت فلسطين إلى قلب النقاش الدولي باعتبارها قضية عدل وحقوق قبل أن تكون مجرد ملف سياسي.