على وقع أزمة سكن متفاقمة وارتفاع غير مسبوق في الأسعار، تتصاعد الدعوات لإصلاح ضريبة الإسكان في أستراليا بوصفها خطوة محورية لتحقيق العدالة والاستدامة.
في هذا السياق، ناقش بودكاست "عالم العقارات" مع الخبير العقاري يوسف مرتضى واقع الإعفاءات الضريبية الحالية، وتأثيراتها المباشرة على السوق، وآفاق الإصلاح الممكنة.
وقال مرتضى إن أبرز الإعفاءات المتاحة حالياً للمستثمرين تتمثل في "الخصم السلبي" و"خصم ضريبة مكاسب رأس المال"، موضحاً أن هذه الامتيازات منحت المستثمرين قدرة تنافسية أعلى من مشتري السكن الأول، وأسهمت بشكل غير مباشر في رفع أسعار العقارات والإيجارات.
وأشار إلى أن هذه "الحوافز جعلت من الاستثمار العقاري ملاذاً ضريبياً جذاباً، لكنها، بالمقابل، ساهمت في تضخيم السوق وإقصاء الكثير من العائلات عن فرص التملك"، لافتاً إلى أن بعض المناطق، خصوصاً الواقعة ضمن نطاق المدارس الممتازة، "شهدت ارتفاعاً بعشرات الآلاف من الدولارات بسبب شدة التنافس".
وأوضح مرتضى أن "هذا النمو غير المتوازن خلق فجوة بين العرض والطلب"، مبيناً أن "النظام الحالي بات يُفضل كبار المستثمرين ويُهمّش أصحاب المحافظ الصغيرة".
يوسف مرتضى : الإصلاح الضريبي خطوة ضرورية لانقاذ سوق العقار لكنها لا تكفي وحدها
وعن احتمالية أن يشكل الإصلاح الضريبي جزءاً من الحل، قال مرتضى إن "ذلك ممكن، لكنه لا يكفي وحده"، موضحا أن أي خطة إصلاح "يجب أن تتزامن مع زيادة المعروض، وتحسين البنية التحتية، وتشجيع البناء داخل المدن".
ولدى سؤاله عن مخاوف المستثمرين من انسحاب محتمل بسبب تقليص الامتيازات، أشار مرتضى إلى أن هذه المخاوف "مبالغ فيها"، موضحاً أن "تجارب دول أخرى مثل كندا وألمانيا أثبتت أن تقليص الحوافز لا يؤدي بالضرورة إلى انهيار السوق، شرط تطبيق الإصلاح بشكل تدريجي ومدروس".
وفيما يتعلق بتأثير إلغاء الإعفاءات على السوق، أوضح أن "السوق سيشهد على الأرجح تصحيحاً تدريجياً في الأسعار، مع تحسن فرص المشترين الجدد، رغم احتمال حدوث جمود مؤقت في المدى القصير بسبب الترقب".
وأكد أن المالكين الحاليين، خصوصاً من اشتروا مؤخراً بأسعار مرتفعة اعتماداً على الإعفاءات، قد يواجهون ضغطاً مالياً، بينما سيُعاد تشكيل محافظ كبار المستثمرين لتقليل المخاطر.
يوسف مرتضى : النظام الضريبي الحالي لا يشجع صغار المستثمرين في سوق العقار
ورجح ان يكون أصحاب المحافظ الصغيرة، "الأكثر هشاشة"، حسب تعبيره، مشدداً على "أهمية دعمهم ببرامج انتقالية مثل خفض رسوم الطوابع أو منح للمستثمرين الجدد من ذوي الدخل المتوسط".
وفيما يتعلق بالفرص المستقبلية، نصح مرتضى المستثمرين الجدد بإعادة تقييم جدوى الاستثمار بناءً على التدفقات النقدية والإيجارات الواقعية، بدلاً من الاعتماد على الامتيازات الضريبية فقط.
ورأى أن النظام الحالي "لا يُشجع صغار المستثمرين فعلياً"، بل يمنح الأفضلية لـ"من يمتلك رأس مال كبير يمكنه امتصاص الخسائر المؤقتة".
وشرح أن البدائل متاحة لمن يبحث عن استثمار أقل مخاطرة، مثل الصناديق العقارية (REITs)، أو منصات الاستثمار المشترك، أو حتى التوجه إلى مناطق ناشئة لا تزال قيد التطوير.
وختم مرتضى حديثه بالتأكيد على أن "الإصلاح الضريبي خطوة ضرورية، لكنها لا تكفي وحدها"، داعياً إلى "تبني رؤية شاملة توازن بين دعم المستثمرين وتوفير مساكن ميسورة التكلفة، وتشجيع البناء ضمن المدن وتحسين البنية التحتية والمواصلات في المناطق الخارجية وتحقيق استقرار طويل الأمد في السوق".
يمكنكم الاستماع للتقرير في التدوين الصوتي أعلاه.
هل أعجبكم المقال؟ استمعوا لبرنامج "أستراليا اليوم" من الاثنين إلى الجمعة من الساعة الثالثة بعد الظهر إلى السادسة مساءً بتوقيت الساحل الشرقي لأستراليا عبر الراديو الرقمي وتطبيق Radio SBS المتاح مجاناً على أبل وأندرويد.