ولفت التقرير إلى أن مدينة أديلايد سجّلت أعلى معدل زيادة، بنسبة 81 بالمائة، متجاوزةً جميع العواصم الأخرى. وأكد أن مدنا كانت تُعد سابقا ميسورة مثل بيرث وهوبارت، أصبحت اليوم من أكثر المدن ضغطا على المستأجرين.
وأوضح التقرير أن نسبة المساكن الاجتماعية تراجعت إلى 4.1 بالمائة فقط، ما فاقم أزمة العرض ودفع آلاف العائلات إلى سوق الإيجار الخاص، الذي يعاني أصلاً من قلة الخيارات وارتفاع الأسعار.
الخبير العقاري يوسف مرتضى علق في حديثه لـ"أس بي أس عربي" على معطيات التقرير واستهل حديثه بالقول إن "الارتفاع الحاد في الإيجارات ناتج عن خلل واضح بين العرض والطلب" ، مبينا أن "الحكومة والقطاع الخاص لم يتمكنا خلال السنوات الماضية من بناء وحدات سكنية كافية لمواكبة النمو السكاني".
وأشار إلى أن ارتفاع تكاليف البناء، ونقص العمالة الماهرة، وغلاء أسعار الأراضي كلها عوامل ساهمت في تفاقم الأزمة.
وشرح ذلك بالقول إن "فتح الحدود بعد الجائحة أدى إلى عودة الهجرة بقوة، حيث زاد عدد السكان بحوالي 600 ألف شخص في عام واحد فقط، ما شكل ضغطًا إضافيًا على السوق".
الخبير العقاري يوسف مرتضى: أزمة الايجارات الحالية تختلف عن سابقاتها ووصلت الى الطبقة الوسطى
وأكد مرتضى أن أزمة الإيجارات الحالية تختلف عن سابقاتها، مبينا أنها لم تعد مقتصرة على المدن الكبرى مثل سيدني وملبورن، بل شملت جميع الولايات، و"وصلت إلى الطبقة المتوسطة التي بدأت تعاني للمرة الأولى من ضغوط السكن".
وأوضح أن نسب الإنفاق على الإيجار أصبحت تتجاوز 40% من دخل العائلات في بعض الحالات، لافتا إلى أن الزيادات في الإيجارات تفوقت على نمو الأجور بشكل غير مسبوق.
وعن أسباب الزيادة الكبيرة في مدن مثل أديلايد وهوبارت، قال مرتضى إن أديلايد جذبت العديد من العائلات بفضل أسعارها المعقولة سابقا، لكن عدم التوسع في مشاريع الإسكان حوّل السوق إلى بيئة مشبعة.
وأضاف أن "هوبارت شهدت موجة هجرة داخلية بعد الجائحة، لكن بنيتها التحتية لم تكن مؤهلة لاستيعاب هذا التدفق، ما أدى إلى اختناق السوق وارتفاع الإيجارات".
يوسف مرتضى : تراجع الإسكان الاجتماعي يزيد الضغط على السوق الخاص
ونوّه مرتضى إلى أن تراجع الإسكان الاجتماعي دفع الفئات الضعيفة إلى السوق الخاص، موضحا أن "هذا القطاع ليس مصمما لتلبية احتياجات ذوي الدخل المحدود، بل لتحقيق الأرباح".
وأكد على أن "نسبة 4.1% من المساكن الاجتماعية غير كافية لمجتمع مثل أستراليا"، مبينا أن "غياب هذا النوع من الإسكان يُفاقم التفاوت الاجتماعي، ويؤثر سلبا على الفئات الهشة مثل كبار السن والأسر ذات العائل الواحد".
مرتضى : المؤشرات الحالية تؤكد ان اسعار الايجارات ستبقى مرتفعة على الاقل خلال عامين مقبلين
ورداً على سؤال حول مستقبل الأسعار، قال مرتضى إن "المؤشرات الحالية تُظهر أن الأسعار ستبقى مرتفعة على الأقل خلال العامين المقبلين، مضيفا أن "الطلب الكامن لا يزال قويا، خصوصا مع ارتفاع عدد السكان وعودة الطلاب الدوليين".
وأوضح أن "الاستقرار ممكن فقط في حال تنفيذ خطة وطنية واضحة لزيادة المعروض، وتنفيذ مشاريع إسكان كبيرة".
وتطرق مرتضى إلى الجدل بشأن إلغاء بعض الإعفاءات الضريبية مثل Negative Gearing، مؤكدا أن "النظام الحالي يُفيد المستثمرين الأثرياء ويزيد من معاناة المستأجرين".
وأضاف أن "تقليص هذه الإعفاءات يجب أن يتم بشكل تدريجي، مع تقديم حوافز للمستثمرين الذين يبنون مساكن ميسورة".
وخلص إلى القول إن الإصلاح الضريبي خطوة مهمة لكنها ليست كافية وحدها.
ونصح مرتضى الأسر بالتخطيط الجيد قبل الانتقال، والتفكير في المناطق الإقليمية الأقل طلبا، بالإضافة إلى الاستفادة من برامج الدعم الحكومي.
وأشار الى أهمية فهم الحقوق القانونية للمستأجرين، وضرورة قراءة العقود بعناية والتواصل مع جهات الدعم عند الحاجة.
ودعا مرتضى الحكومة الى إطلاق خطة طوارئ لبناء 54 ألف وحدة سكنية اجتماعية سنويا، وإصلاح السياسات الضريبية، وتقديم حوافز للمطورين، إلى جانب الاستثمار في تدريب العمالة وتسهيل إجراءات البناء.
وشدد على أن "السوق وحده لا يكفي لحل الأزمة، محذرا من أن غياب التدخل سيقود إلى أزمة سكنية جيلية".
وختم بالقول إن الأسعار مرشحة للارتفاع ما لم تحدث إصلاحات حقيقية، مضيفا أن التحسن قد يبدأ تدريجيًا بحلول 2027، شرط وجود إرادة سياسية حقيقية، وخطة حكومية واضحة.
يمكنكم الاستماع للتقرير في التدوين الصوتي أعلاه.