يشغل الذكاء الاصطناعي حيزًا مهمًا في أذهان الكثيرين هذه الأيام. في هذا السياق، أجرت أس بي أس عربي حواراً مع الأستاذ كريم نورا، المتخصص في تدريس الرياضيات بإحدى المدارس الحكومية في ولاية فيكتوريا، الذي قدم دراسة بحثية عام 2023 حول مستقبل التعليم في ظل التطور التكنولوجي، وشارك بنتائجها في مؤتمرات علمية محلية ودولية.
يقول الأستاذ نورا إن خبرته الممتدة في أستراليا، في المدارس والجامعات، دفعته إلى طرح سؤال جوهري على نفسه وطلابه: "هل الطريقة التي يتعلم بها الطلبة حالياً مناسبة؟ هذا السؤال ظل عصياً على الإجابة لسنوات، لكنه وجد أن الالتزام الأخلاقي والتربوي يفرض على المعلم البحث عن جدوى حقيقية لهذا الأمر في بناء المجتمع.
التعليم في مواجهة الثورة الرقمية
يرى نورا أن دخول التكنولوجيا – من الحاسوب إلى الهواتف الذكية – غيّر المشهد التعليمي بشكل جذري. فالطالب اليوم يملك بين يديه أدوات متقدمة للوصول إلى المعلومة وحل المسائل، وهو ما يفرض على المعلم أن يكون مواكباً لهذا التطور لا متأخراً عنه.
ويشير إلى برنامج STEM (العلوم، التكنولوجيا، الهندسة والرياضيات) الذي أطلقته المؤسسات الأسترالية قبل سنوات، وحقق نجاحاً ملموساً في تطوير المناهج وأساليب التدريس، معتبراً أنه خطوة أساسية لتعزيز قدرات الطلاب على مواجهة المستقبل.
التعليم عن بُعد: فرصة وتحدٍ
من أبرز التحولات التي فرضتها السنوات الأخيرة، خاصة بعد الجائحة، هو التعليم الإلكتروني أو "التعليم عن بُعد". ويؤكد نورا أن هذه التجربة وفّرت مرونة للطلاب والأهالي، لكنها في المقابل طرحت تساؤلات حول إمكانية الاستعاضة عن المدرسين ببرامج ذكية مجهزة مسبقاً، وهو ما يشكل تحدياً جدياً لمهنة التعليم.

الأستاذ كريم نورا Source: Supplied
بحسب الدراسة التي أعدها نورا، فإن البنية التحتية التكنولوجية في أستراليا ما زالت غير مكتملة لمواكبة الطفرة العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي، بخلاف دول أخرى. ويشير إلى أن أستراليا كانت رائدة في بعض المبادرات البحثية والتربوية، إلا أن اللحاق بالركب العالمي يحتاج إلى دعم حكومي أكبر واستثمار أوسع في البنية الرقمية.
المعلم لا يُستبدل
ورغم المخاوف من أن يحل الذكاء الاصطناعي محل المعلمين، يؤكد نورا أن هذه النظرة مبالغ فيها. فالتقنية وُجدت لخدمة الإنسان لا لإلغائه، ودور المعلم سيبقى محورياً في ترسيخ التفكير النقدي، وتعليم القيم، وتوجيه الطلاب نحو الاستخدام الواعي للتكنولوجيا.
يختم الأستاذ نورا حديثه بحكمة تعلمها من جده: "طريق العلم يقود إلى وظيفة جيدة، والوظيفة الجيدة تقود إلى حياة كريمة". رسالة يعتبرها جوهرية في عصر يموج بالتغيرات: أن الاستثمار الحقيقي ليس في التقنية وحدها، بل في الإنسان المتعلم القادر على توظيفها لما فيه خير المجتمع.
استمعوا للقاء كاملًا، بالضغط على زر السماع الصوتي في الأعلى.