تشهد أستراليا حالياً نقاشًا واسعًا حول مستقبل سياسات المناخ، خصوصًا فيما يتعلق بهدف البلاد للوصول إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050. ومن بين أبرز محاور هذا النقاش، يبرز التحول إلى السيارات الكهربائية باعتباره خطوة أساسية نحو نقل أكثر استدامة وكفاءة. وبينما يرحّب البعض بهذه الخطوة باعتبارها حلاً عمليًا لخفض الانبعاثات وتحسين جودة الهواء، يتساءل آخرون عن مدى جاهزية البنية التحتية، والتكلفة، ومدى القيادة.
وفي هذا السياق، يقول د. بلال الجبوري، المهندس المختص في السيارات الكهربائية، ي حديث مع أس بي أس عربي إن هذا التحول له فوائد بيئية وأثر طويل الأمد مما يزيد من فرص خفض الانبعاثات بحلول عام 2050.
فوائد بيئية مباشرة وأثر طويل الأمد
يؤكد د. الجبوري أن السيارات الكهربائية تحقق ميزة بيئية واضحة تتمثل في إلغاء انبعاثات العادم تمامًا، وهو ما يجعلها أقل ضررًا مقارنة بسيارات البنزين التي تُطلق ملوثات مباشرة في المناطق السكنية. كما تشير الدراسات الحديثة إلى أن الانتقال إلى المركبات الكهربائية يقلل الانبعاثات بنسبة تقارب 50% على مدى عمر السيارة، مما يسهم في تحسين جودة الهواء وتقليل الضغط على أنظمة الصحة العامة.
قطاع النقل… مصدر رئيسي للانبعاثات
يمثل قطاع النقل حوالي 22% من إجمالي الانبعاثات في أستراليا، وغالبية هذه الانبعاثات تنتج عن السيارات الخاصة.

د. بلال الجبوري Source: Supplied
المزيج الكهربائي في أستراليا… والفائدة لا تزال قائمة
على الرغم من اعتماد جزء من شبكة الكهرباء الأسترالية على الفحم والغاز، يؤكد د. الجبوري أن السيارات الكهربائية تظل أقل تلويثًا بنسبة 40–50% مقارنة بسيارات البنزين خلال عمرها التشغيلي. ويعود ذلك إلى غياب أي انبعاثات أثناء القيادة، بالإضافة إلى أن نسبة كبيرة من عمليات الشحن تتم اليوم باستخدام ألواح شمسية منزلية، وهو ما يعزز الفائدة البيئية.
مدى القيادة… تطور كبير يلبي الاحتياجات اليومية
وفقًا لد. الجبوري، تقدم السيارات الكهربائية الحديثة مدى قيادة يتراوح بين 350 و500 كم للطرازات المتوسطة، ويصل إلى 700 كم في الطرازات المتقدمة. ومع كون الاستخدام اليومي للسائق الأسترالي يتراوح بين 30 و40 كم، فإن هذه الأرقام تؤكد قدرة السيارات الكهربائية على تلبية الاحتياجات اليومية بسهولة.
الرحلات الطويلة… شحن أسرع وراحة أكبر
على الطرق الطويلة مثل طريق سيدني–ملبورن الذي يمتد لنحو 870 كم، يوضح د. الجبوري أن السائق يحتاج غالبًا إلى توقف واحد فقط للشحن. وقد أصبحت الشواحن السريعة توفر:
- 200–300 كم في 30 دقيقة
- 300–400 كم خلال 10–15 دقيقة عبر الشحن الفائق
وهي مدة مماثلة لتوقف الراحة التقليدي أثناء السفر
تحديات البنية التحتية… ما زال الطريق طويلًا
على الرغم من التقدم الملحوظ، إلا أن عدداً من التحديات لا يزال قائمًا، من بينها:
- نقص محطات الشحن في المناطق الريفية
- أعطال الشبكات في بعض المواقع
- محدودية الشحن الفائق
- صعوبة الشحن لسكان العمارات
- الحاجة إلى تعزيز قدرة الشبكة الكهربائية
نحو مستقبل أكثر استدامة
يرى د. بلال الجبوري أن مستقبل السيارات الكهربائية في أستراليا يبدو واعدًا للغاية، مع استمرار تطور التقنيات وتوسع البنية التحتية، وارتفاع نسبة الطاقة المتجددة، إلى جانب الدعم الحكومي. ويؤكد أن هذا التحول يمثل خطوة أساسية نحو بناء نظام نقل نظيف وفعّال يدعم أهداف أستراليا المناخية لعام 2050.


