في حديثه مع أس بي أس عربي يصف الدكتور محمد أبو الفول أن البداية كانت صعبة مليئة بالتحديات. فبعد رفض تأشيرته إلى الولايات المتحدة رغم قبوله في جامعة تكساس، اختار أستراليا لتكون وجهته الجديدة. هناك، بدأ من الصفر، طالبًا يسعى وراء المعرفة، قبل أن يحصد منحة دراسية أتاحت التفرغ لأبحاثه في مجالي الاقتصاد الرقمي والاقتصاد الخفي (Shadow Economy).
نشر أبحاثه في مجلات علمية دولية، وأصبح مُحكّمًا علميًا وعضوًا في جمعيات اقتصادية مرموقة مثل الجمعية الاقتصادية الأسترالية وجمعية اقتصاد الشرق الأوسط.
لكن القدر كان يخبئ له مسارًا آخر. فخلال سنوات الدراسة، عمل الدكتور محمد في متجر صغير لبيع المواد الاستهلاكية، وهناك اكتشف جانبًا جديدًا من نفسه، الجانب الريادي الذي لا يخاف من التجربة. بمرور الوقت، تعرّف إلى رجل الأعمال الأسترالي من أصول عربية ماهر المقابلة، صاحب سلسلة متاجر Easy Mart، ليبدأ معه فصلًا جديدًا من قصة هجرته عبر الاستثمار في قطاع التجزئة.
ملبورن ساحة اختبار وطريق إلى التميز
بدأ الدكتور أبو الفول باستثمار متواضع في متجر واحد، لكنه سرعان ما وسّع نشاطه ليصبح أحد الشركاء الفاعلين في سلسلة متاجر التجزئة معتمدًا على مبدأ بسيط لكنه فعّال؛ تقديم منتجات فريدة مستوردة لا تُباع في أي مكان آخر؛ بضائع من أمريكا وأوروبا والشرق الأوسط ماجعل محلاته وجهة محببة لعشاق التجارب الجديدة والمنتجات المميزة.
ورغم التحديات الكبرى — من ارتفاع الأجور وتكاليف التشغيل إلى اضطراب الأسعار خلال جائحة كورونا — تمكن أبو الفول وفريقه من تحويل الأزمات إلى فرص.
رغم انخراطه في عالم التجارة، لم يتخلَّ الأكاديمي محمد عن شغفه بالبحث العلمي. فلا يزال يعمل محاضرًا زائرًا في عدد من الجامعات الأسترالية، ويمارس نشاطه الأكاديمي كهواية متجددة. كما فاز مرتين بـ“جائزة الحسين للبحوث الاقتصادية” عن أفضل بحث وأفضل أطروحة دكتوراه في الاقتصاد المالي والمصرفي.
يقول بابتسامة هادئة:
أعتبر العمل الأكاديمي هوايتي، أما التجارة فهي عملي اليومي. تعلمت أن أوازن بين الاثنين عبر إدارة وقتي بدقة؛ يومي مقسم إلى أربعة أقسام: العائلة، العمل، الهواية، والإدارة.

إلى جانب نشاطه الاقتصادي والعلمي، يشغل الدكتور محمد اليوم منصب رئيس الجمعية الأردنية في ولاية فيكتوريا في دورتها الحالية، بعد أن انتُخب بالإجماع من أبناء الجالية الأردنية، إذ يسعى عبر هذا الدور إلى تأسيس مركز شبابي اردني يخدم أبناء الجالية ويعزز حضورهم الإيجابي في المجتمع الأسترالي، إلى جانب مشاريع مستقبلية لتأسيس مدرسة أردنية ثقافية بإدارة محلية. يقول:
العمل التطوعي جزء من حياتي منذ المدرسة. واليوم، أرى فيه وسيلة لرد الجميل للمجتمع الذي احتوانا ومنحنا الفرصة لنكون جزءًا من نسيجه.
خلاصة تجربة الهجرة والنجاح
بعد سبع سنوات من الهجرة، يقدّم الدكتور أبو الفول نصيحته لكل من يفكر بخوض التجربة: “الهجرة ليست رحلة سهلة، لكنها تستحق. أهم ما يحتاجه المهاجر هو الاستعداد النفسي والقدرة على العمل لساعات طويلة. لا تنتظر الظروف المثالية، ابنِها بنفسك. فالوطن الذي يحتضنك يستحق أن تبنيه كما تبني وطنك الأم.”
استمعوا لتفاصيل أكثر في رحلة محمد أبو الفول بالضغط على زر الصةت في الأعلى.