تحولت وقفة تضامنية مع غزة صباح الأحد الماضي على شاطئ بونداي الشهير في سيدني إلى مشهد مقلق من التوتر والانقسام، بعدما اندلعت اشتباكات بالأيدي بين متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين وآخرين داعمين لإسرائيل، وسط ذهول رواد الشاطئ وانتشار أمني كثيف لم ينجح في منع التصعيد.
المشادات التي وثقتها عدسات الكاميرا، وتخللها تبادل للشتائم والاتهامات، أعادت إلى الأذهان مشاهد عنف كرونولا عام 2005، وأثارت مخاوف حقيقية من تصدير الصراعات الدولية إلى قلب المجتمع الأسترالي.
في تسجيل مصور، ظهر محتجون مؤيدون لإسرائيل وهم يطالبون الفلسطينيين بالعودة إلى لاكمبا، وهي منطقة ذات غالبية مسلمة في سيدني، في تصعيد عنصري خطير كشف هشاشة الخط الفاصل بين الخلاف السياسي والتحريض العرقي.
رئيس ولاية نيو ساوث ويلز، كريس مينز، أدان الحادث بشدة، مشيرًا إلى أن الاعتداء على الآخرين بسبب آرائهم السياسية "لا مكان له في مجتمعنا"، مضيفًا أن "هذا ليس هو نوع البلد الذي نريد أن نعيش فيه". كما شدد على أن الحق في الاحتجاج لا يعني الحق في انتهاك حرية الآخرين أو تعكير صفو حياتهم اليومية.
لكن في مقابل هذا الموقف الرسمي، جاءت تصريحات الطبيب والناشط المجتمعي الدكتور جمال الريفي لتسلط الضوء على أبعاد أعمق وأكثر تعقيدًا للحادث.
يرى د. جمال أن ما حدث في بونداي سياسي بالدرجة الأولى، وليس له صلة مباشرة بأحداث كرونولا ذات الطابع العنصري، مؤكدًا أن "ثمة مجموعات يهودية معارضة لسياسة إسرائيل كانت خلف تنظيم التظاهرة، ما يشير إلى وجود شرخ داخل المجتمع اليهودي نفسه".
"لحمة المجتمع الأسترالي تغيرت بأحداث غزة،" يضيف الريفي، محذرًا من أن الشارع الأسترالي بدأ يعكس صراعات لا تخصه، ما يستدعي وقفة جدية من صناع القرار.
ويرى د. الريفي أن لكل فرد الحق في التعبير عن هويته، سواء من خلال ارتداء الكوفية الفلسطينية أو الكيبا اليهودية، مؤكدًا أن أستراليا تكفل حرية التعبير للجميع، لكنه شدد على أن هذا التعبير يجب أن يبقى سلميًا، ودون انزلاق إلى العنف أو استفزاز الآخرين.
كما دعا إلى مراجعة القوانين الناظمة للاحتجاجات، لسد أي ثغرات قد تُستغل لإشعال الفتن، مضيفًا: "نحن نمر بشرخ حقيقي في مجتمعنا، وأحداث بونداي يجب أن تكون جرس إنذار".
هل أعجبكم المقال؟ استمعوا لبرنامج "Good Morning Australia" من الاثنين إلى الجمعة من الساعة السادسة إلى التاسعة صباحا بتوقيت الساحل الشرقي لأستراليا عبر الراديو الرقمي وتطبيق SBS Audio المتاح مجاناً على أبل و أندرويد وعلى SBS On Demand.