النازية الجديدة مصطلح يُطلق على جماعات وأفراد يتبنون أفكارًا مستوحاة من الحزب النازي الذي حكم ألمانيا بين عامي 1933 و1945 بقيادة أدولف هتلر.
بينما انتهى ذلك الحزب بهزيمته في الحرب العالمية الثانية، ظهرت حركات حديثة تحاول إعادة إحياء بعض أفكاره ورموزه، مثل التفوق العرقي للأوروبيين البيض، معاداة السامية، ورفض التعددية.
النازيون الجدد في أستراليا
خلال السنوات الأخيرة، شهدت أستراليا ظهور مجموعات صغيرة مرتبطة بفكر النازيين الجدد. ويُعتبر تنظيم «الشبكة الاشتراكية الوطنية» (National Socialist Network – NSN) أبرز هذه الجماعات.
تأسست المجموعة عام 2020، ويُنسب لقيادتها الناشط اليميني المتطرف توماس سيويل. وقد ظهر سيويل في عدة مواقف أثارت الجدل، منها اقتحام مؤتمر صحفي لرئيسة حكومة فيكتوريا جاسينتا ألين وهو يهتف "Heil Australia"، بالإضافة إلى اتهامه بالضلوع في هجوم على موقع احتجاج للسكان الأصليين في ملبورن خلال أغسطس/آب 2025.
كما شاركت هذه الجماعة في مسيرات وتجمعات، بينها ما جرى في يوم أستراليا 2025، حيث رفعت شعارات وتحيات نازية، ووقعت احتكاكات عنيفة مع متظاهرين آخرين، ما أثار قلق السلطات الأسترالية وأجهزة الأمن.
فكر وأهداف
بحسب تحقيقات صحفية وأكاديمية، تقوم الفكرة الأساسية لهذه الجماعات على أن "أستراليا يجب أن تكون للبيض".
ينظر أعضاؤها إلى المهاجرين والأقليات كتهديد، ويروّج بعضهم لفكرة انهيار المجتمع القائم باعتباره فرصة لإعادة بنائه وفق رؤية قائمة على نقاء عرقي.
روابط دولية
لا تعمل هذه المجموعات في معزل عن العالم. تقارير أمنية وإعلامية تشير إلى أن لها صلات فكرية أو تنظيمية مع جماعات يمينية متطرفة في الخارج.
ومن أبرزها منظمة The Base، التي صنّفتها الحكومة الأسترالية رسميًا كمنظمة إرهابية في نوفمبر/تشرين الثاني 2021.
لماذا ينجذب البعض لهذه الأفكار؟
يقول باحثون إن عوامل عدة تقف خلف ذلك، أبرزها:
- غضب اقتصادي أو اجتماعي.
- شعور بالتهميش أو فقدان الهوية.
- تأثير منصات الإنترنت التي تعيد إنتاج خطاب الكراهية.
هذه الظروف تجعل بعض الشباب يبحثون عن "انتماء" داخل خطاب يقدّم العالم بشكل مبسط: نحن ضد هم.
القانون الأسترالي: الفكر أم الممارسة؟
من المهم التوضيح أن مجرد تبني أفكار النازية الجديدة أو الاعتقاد بالتفوق العرقي ليس جريمة بحد ذاته.
لكن الممارسات العلنية المرتبطة بهذا الفكر مجرَّمة قانونًا، وتشمل:
- أداء التحية النازية علنًا.
- عرض أو بيع الرموز النازية (مثل الصليب المعقوف) إلا في سياق أكاديمي أو ديني أو تاريخي مشروع.
- التحريض على العنف والكراهية.
- الانتماء أو الدعم لجماعات مصنفة إرهابية مثل The Base.
فيدراليًا، أقرّت أستراليا عام 2024 قوانين تحظر التحية والرموز النازية. وعلى مستوى الولايات، سبقت فيكتوريا ونيو ساوث ويلز إلى إصدار تشريعات مشابهة في 2022 و2023.
هل يشكلون خطرًا مباشرًا؟
بحسب الأجهزة الأمنية، فإن أعداد هذه المجموعات محدودة، إلا أن القلق يكمن في خطر "العنف الفردي" أو ما يُعرف بالذئاب المنفردة، حيث يمكن أن يتأثر أشخاص بالدعاية الإلكترونية ويتصرفوا بشكل منفرد.
النازيون الجدد ليسوا مجرد ذكرى من الماضي، بل ظاهرة صغيرة لكنها حاضرة. القانون يضع حدودًا واضحة، لكن المواجهة الأوسع تبقى في المجتمع، من خلال التعليم، والإعلام المسؤول، وتعزيز قيم التعددية التي تقوم عليها أستراليا.
للاستماع إلى أحدث التقارير الصوتية والبودكاست، اضغطوا على الرابط التالي.